كتاب جامع، مفيد في بابه، فريد في عرضه وأُسلوبه، إنَّه يتحدَّث عن سيرة الحبيب المصطفى بطريقة المتمكِّن القدير، المتثبِّت الخبير.
فقد استطاع مؤلِّف الكتاب – رحمه الله – أن يلخِّص كامل السِّيرة النَّبويَّة، بما تشتمل عليه من أحداث ووقائع، وما يتَّصل بذلك من آداب وسنن يجب الأخذ بها.
وممَّا تميَّز به هذا السِّفر المبارك: تَثَبُّتُه الأكيد في عرضه للغزوات النَّبويَّة وما يتعلَّق بها.
فتحرَّى الدِّقَّة في النَّقل، والاقتصار على ما هو ثابت بأسانيد الثِّقات ورواية الضَّابطين من أهل الأثر؛ فخالف بذلك القاعدة الَّتي اشتهرت بين العلماء، ونصُّها:
وليعلم الطَّالب أن السِّيرا تجمع ما صحَّ وما قد أُنكِرا
فنأى محتوى هذا الكتاب عن النَّكارة، وتجنَّب كُلَّ ما لا مستند له، وعزا الأحاديث إلى مخرِّجيها، مع بيان مراتب الأحاديث.
ومن مزاياه أيضاً: تلك الفوائد العزيزة المنثورة في ثنايا الكتاب، وهي من الأهميَّة بمكان.
إلى غير ذلك من الاستنتاجات والاستنباطات العلميَّة النَّفيسة في هذا الباب.
ثمَّ جاء الاعتناء به.. فحقَّق المعتني به نصوصه، وفسَّر غريبه، وأشار إلى أرقام الأحاديث في كتب السُّنَّة الغرَّاء.. فتمَّم بهذا الاعتناء الفائدة، ويسَّر لمن أراد البغية.
هذا بالإضافة إلى تلك المخطَّطات والمصوَّرات الجغرافيَّة الَّتي توضح للنَّاظر فيها موقع كلِّ غزوةٍ، وما يكتنفها من أماكن، تسهِّل استيعاب الحدث، وتمكِّن من الفهم الجليِّ.
والخلاصة: إن هذا الكتاب بحقٍّ يعدُّ من غرر كتب السِّيَر، ولئن كان خميص المبنى.. فهو بطين المعنى، عذب المورد، غزير الفوائد، عظيم العوائد.
وقد أكرمنا الله في هذا الكتاب بإعادة الحقِّ إلى أهله، والأمور إلى نصابها؛ وذلك أنَّه قد طبعت طبعته الأُولى منسوبة إلى الإمام العلَّامة ابن الدَّيْبَع رحمه الله، بينما الكتاب للإمام العلَّامة بحرق رحمه الله.
ولمعرفة تفصيلات هذا الأمر.. يرجع إلى مقدِّمات الكتاب