إنّ للإمام أبي حنيفة كغيره من الأئمة المجتهدين أصولاً لنقد الأحاديث والآثار، والعمل عليها، فيصحّح حديثاً ويضعف آخر في ضوئها، كما كانت له قواعدُ التزمها في استخراج الأحكام من الأحاديث النبوية، وأصولٌ لدفع التعارض والترجيح بين الروايات، غير أنّه لم يضمنها كتاباً، ويضبطها بالقيد، فلم يصلنا منها إلاّ أقوالٌ منثورة، ونصوص مبعثرة في باب السنة في كتب أصول الحنفية.
وقد قام الشيخ عبد المجيد التركماني بتتبّع آراء الحنفية في أصول الحديث، وجمْعِها، وتبويبِها، وشرحِها في بحث شامل استوفى الشروط العلمية في الرسائل الجامعية، وكان بحثه هذا محلّ استحسان عدد من كبار العلماء الذين أثنوا عليه، وعلى جهود مؤلفه في تقديم هذا الكتاب النفيس، إنه كتاب لا يستغني عنه الباحث في الفقه الحنفي والفقه المقارن