كتاب «التنبيه» في الفقه الشافعي من الكتب المشهورة النافعة المباركة، سطعت شمسه في سماء الفقه فبزَّ الكواكب النيرات، واتخذه العلماء نبراساً يهتدون بنوره في الحالكات، كتاب زكا أصله فنما فرعه، واشتهر في الخافقين فضله، فعمَّ المشرقين والمغربين نفعه؛ لصلاح سريرة مؤلفه وجميل قصده وإخلاص نيته، فكتب الله له القبول بين المتقدمين، وسرى نفعه إلى المتأخرين، فاستفاد منه العلماء قبل المتعلمين، ففيه نصح المسترشدين وهداية الطالبين؛ حتى قال العلماء السابقون: (من لم يقرأ «التنبيه».. فليس بنبيه).
امتاز بتجريد الفوائد وترتيب القواعد، ومما قيل في مؤلفه علم الأعلام وجمال الإسلام، العلامة الإمام الشيرازي رحمه الله تعالى:
يا كوكباً ملأ البصائر نوره من ذا رأى لك في الأنام شبيها
كانت خواطرنا نياماً برهةً فَرُزِقْنَ من «تنبيهه» تنبيها
لقد تسابق الفقهاء لخدمة هذا السفر النافع، فاعتنوا بتقريبه وتحريره وتهذيبه، وبيان ما يُفتى من مسائله، فغاصوا غوره واستخرجوا الدر النفيس، ومن هؤلاء الأئمة الأعلام شيخ الإسلام وبركة الأنام العلامة الإمام شمس الدين محمد الخطيب الشربيني رحمه الله ورضي عنه؛ فقد شرح التنبيه فبين مراده، وتمم مفاده، وحقق مسائله، وحرر دلائله.
شمس جاء بنجم متلالي، فسطع نوره في سماء المعالي، فغدا كتابه المرجع الأصيل، الخالي عن الحشو والتطويل، الحاوي للدليل والتعليل، مع فوائد عديدة، ونفائس فريدة، فلتقر أعين الدارسين، وتطمئن قلوب المتفقهين، بصدور هذا الكنز الثمين، بعد أن كان حبيس المكتبات الخطية، حتى أذن الله ببروزه وسطوع نوره.
ومن المعلوم: أن لـ «التنبيه» أكثر من مئة شرح – كما في كتب المصادر – إلا أن العين لم تقر برؤية شيء من هذه الشروح إلا ما ندر، والنادر لا حكم له؛ فهذا الشرح المبارك سيفرح به أرباب المذهب، ويسعد به كل فقيه ويرجع إليه كل مستفيد للعلوم، والله ينفع به والحمد لله رب العالمين.