من أهم الرسائل والمتون التي يبتدئ بها طالب النحو والعربية، أسسه مؤلفُهُ على ثلاثة أصول: العامل، والمعمول، والعمل (الإعراب).
وهو بهذا التقسيم البديع يتميز عن المنهج المتبع عند طلاب مدرسة «ألفية ابن مالك» وشروحها.
وهذا مما يثري الفكر في استيعاب أصول المسائل النحوية، واستحضار المعنى الإعرابي، ولا سيما عند غير الناطقين بلغة الضاد الذين اعتنوا بهذا المتن غاية العناية.
فقد كان لهذا المتن اللطيف ذيوع كبير عند الأعاجم، لما حواه – على لطف حجمه – من أصول النحو العربي، بأسلوب ممهَّد السبل، وأمثلة توضيحية قريبة الفهم، سهلة الاستيعاب.
أما مؤلفه العلامة عبد القاهر الجرجاني.. فهو أظهر من أن يُشار إليه، وأرفع من أن يترجم له، وحسبك قول معاصره الإمام المؤرخ الباخرزي: (اتفقت على إمامته الألسنة، وتجمّلت بمكانه وزمانه الأمكنة والأزمنة، وأثنى عليه طيبُ العناصر، وثُنيت به عقود الخناصر، فهو فرد في علمه الغزير، لا بل هو العلم الفرد في الأئمة المشاهير).
ولغة الضاد اليوم في هجران مستمر، دأب عليه أهلوها وذووها، فهي في هزال دائم، وعراك مع العامية ودعاتها لا يكاد يفتر.
ولولا إعادة طباعة تلك الكتب الأثيرة في دراسة العربية، والنظر فيها إيضاحاً وإخراجاً، مع الهمم القعساء من حملة العلم وطلابه.. لخسرنا أهم عنصر في تشكيل هويتنا القرآنية.
والعمل دؤوب بإذن الله تعالى في استكمال أمَّات هذه الكتب، وإخراجها لطلَّابها بعناية ترفع السآمة عند مطالعها، وتطرد الملل من الصدور عند حفظها ودرسها، وتبعث الهمم لإقرائها وقراءتها، بعدما غابت ردحاً من الزمن عن عالم المطبوعات.
ودعماً من دار المنهاج في ترسيخ دعائم هذه المدرسة النحوية، ومساهمة منها في تنويع سبل التعليم.. تسعد بنشر هذا المتن اللطيف للعلامة الإمام الجرجاني رحمه الله تعالى؛ آملة أن يكون نافعاً للطلاب، وأن يكون فيه فتح الباب