– هل يسعدك أن تترقى روحك في العالَم العُلْوي، وتخرق حجاب الغفلة؟
– وهل يسرك أن تجلو صدأ القلوب، وتمحو درن الذنوب؟
– وهل تحب أن تتأهل لشفاعة صاحب المقام المحمود، والحوض المورود؟
– وهل ترغب في كشف الكربات، وقضاء الحاجات؟
– وهل تميل إلى الثناء الحسن والذكر الجميل بين أهل السماء والأرض؟
– وهل لديك العزيمة على استقبال النفحات الربانية، والعوائد الإلهية؟
– وهل تريد سبباً يدفع بك إلى معالي الأمور، ويهبك عز الدهر ورفعة الآخرة؟
كل هذه المطالب السنية، والمقامات العلية وغيرها.. ستجدها مبثوثة في هذا الكتاب القيم «الدر المنضود».
وإذا ادلهمت الخطوب، وأحاطت بنا عواصف الفتن، وغاب المرشدون، وحجبت عنا نجوم الهداية.. فإن كشف هذه المصائب، وإزاحة هذا العناء، والثبات على المحجة البيضاء، العاصمة من الردى.. كامنٌ في الإكثار من الصلاة والسلام على من هو بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ مع اتباع هديه وكمال الاقتداء به، ففيها من الأسرار المنجية ما لا يجهله العليم، ولا ينكره الحكيم.
فهنيئاً لمن عمر القلب بذكر المصطفى، فاستحق السعادة في الدنيا والنعيم في الأخرى، إضافة إلى نيل المآرب، وإدراك المطالب والمواهب.
والصلاة والسلام على ذي الخلق العظيم.. صفاء لا يُكدره مرارة ولا قبض، بل فيها لطف وترقٍّ وبسط، فهي طمأنينة تنضح بالسرور، وتطرد الهم عن القلب، وتهدي إلى معالي الأمور، لم تحتج إلى شيخ مجيز، ولا إلى مرشد يهدي السالك؛ اكتفاء بالإجازة النبوية السامية، والإذن الشرعي العام لكل مقر بكلمة التوحيد، فشيخك أيها المصلي.. هو من صليت عليه مباشرة بدون واسطة، ثم تحصل الفيوضات على المصلي بمقدار حضور القلب، والإعراض عن الشواغل والقواطع، والترقي في مراقي المحبة والتعظيم: من استحضار جلالة النبي وعظمته، الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين.
وقد وفق الله دار المنهاج فخدمت هذا الكنز الثمين خدمة هو لها أهل، فحشدت له وسائل الأناقة، وعوامل التحسين في المظهر والمحتوى، حتى صار في هذا المستوى، وجندت له لجنتها العلمية فلم تبخل عليه بتحقيق ولا تدقيق، ولم تدعه عطلاً من الإيضاح والتعليق.
والله ولي التوفيق