الهداية الى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره وأحكامه وجمل من فنون علومه
الهداية إلى بلوغ النهاية أحد كتب تفسير القران الكريم، ألفه أبو محمد مكي بن أبي طالب (ت: 437 هـ)، الكتاب تفسير نفيس، من درر التراث التفسيري الأندلسي، جُمع فيه من صنوف العلوم.
لا يوجد تاريخًا محددًا أو سنه بعينها أرخت لتأليف الكتاب، ولكن يستفاد من مقدمة ابن أبي طالب في كتابه الهداية أنه جمع تفاسيره في مرحلة شبيبته بين سنة 367 هـ وسنة 392 هـ، والأرجح أنه عكف عليه بالتنقيح والتصحيح وأخرجه للناس بعد تحريره في أواخر عمره بعد سنة 424 هـ، وذلك بالاعتماد على الإشارة التي وردت في كتابه الكشف الذي ألفه سنة 424 هـ، كما يشير إلى ذلك في مقدمته حيث يقول: «ثم تطاولت الأيام وترادفت الأشغال عن تأليفه وتبيينه ونظمه إلى سنة 424 هـ»
يعد التفسير من المصادر المهمة التي اعتمد عليها المفسرين، فهو يكشف عن جانب مهم من شخصية مكي بن أبي طالب، الذي اشتهر أكثر ما اشتهر بالقراءات، يهدف الكتاب إلى تفسير التلاوات القرانية، وبيان القصص والأخبار الواردة فيها، وكشف ما أشكل من معاني، وبيان الناسخ والمنسوخ، وشرح وذكر الأسباب التي نزلت فيها الآيات.[3]
يقول مكي بن أبي طالب في مقدمة كتابه:
هذا كتاب جمعته فيما وصل إلي من علوم كتاب الله، واجتهدت في تلخيصه وبيانه واختياره واختصاره، وتقصيت ذكر ما وصل إلي من مشهور تأويل الصحابة والتابعين، ومن بعدهم في التفسير دون الشاذ على حسب مقدرتي، وما تذكرته في وقت تأليفي له. وذكرت المأثور من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما وجدت إليه سبيلاً من روايتي أو ما صح عندي من رواية غيري، وأضربت عن الأسانيد ليخف حفظه على من أراده. جمعت فيه علوماً كثيرة، وفوائد عظيمة، من تفسير مأثور أو معنى مفسر، أو حكم مبين، أو ناسخ، أو منسوخ، أو شرح مشكل، أو بيان غريب، أو إظهار معنى خفي، مع غير ذلك من فنون علوم كتاب الله جل ذكره؛ من قراءة غريبة، أوإعراب غامض، أو اشتقاق مشكل، أو تصريف خفي، أو تعليل نادر، أو تصرف فعل مسموع مع ما يتعلق بذلك من أنواع علوم يكثر تعدادها ويطول ذكرها. جعلته: هداية إلى بلوغ النهاية في كشف علم ما بلغ إلي من علم كتاب الله تعالى ذكره مما وقفت على فهمه ووصل إلي علمه من ألفاظ العلماء، ومذاكرات الفقهاء ومجالس القراء، ورواية الثقات من أهل النقل والروايات، ومباحثات أهل النظر والدراية
إن هذا التفسير يعد من المصادر المهمة التي اعتمدها عددٌ من كبار المفسرين، فهو يكشف عن جانب مهم في شخصية مكي بن أبي طالب القيسي، الذي اشتهر أكثر ما اشتهر بالقراءات، ووفاءً له تم إخراج هذا التفسير الذي جمع فيه نصوصًا متقدمة من تراث التفسير واللغة والغريب والقراءات، ولعله بذلك قد حفظ لنا بعض التراث الذي صار في عداد المفقود، وقد اجتهد في التلخيص والبيان والاختصار، واجتهد أيضًا في تقريب تراث المتقدمين من قُراء عصره وتيسيره عليهم
ويقع الكتاب، الذي طبعته دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة المصرية، بشراكة مع مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) في 9 مجلدات.
أما الأساتذة الباحثون الذين أنجزوا هذا العمل فهم: د.صالح زارة، ود.الحسين بوقسيمي، ود.محمد عبد الحق حنشي، ود.إبراهيم أصبان، ود.عبد العزيز اليعكوبي، ود.مصطفى الصمدي، ود.محمد علوي بنصر، ود.الحسين عاصم، ود.مولاي عمر بن حماد، ود.عز الدين جوليد، ود.مصطفى رياح ود.مصطفى فوضيل.
وفي تقديمه للكتاب، تحدث الدكتور الشاهد البوشيخي، عن أهمية “تفسير الهداية إلى بلوغ النهاية”، التي حددها في عدد من الجوانب، ومنها أهمية هذا التفسير الذي عده من المصادر الهامة التي اعتمدها كبار علماء التفسير، كابن عطية والقرطبي.
كما أشار في ذات المقدمة إلى أن تفسير “الهداية إلى بلوغ النهاية” يكشف عن جانب مهم في شخصية مكي بن أبي طالب القيسي، الذي اشتهر بالقراءات، معتبرا إخراج هذا التفسير إلى الوجود فيه قدر من الوفاء لهذا العالم الجليل ووضعه في مكانته بين كبار المفسرين.
يذكر أن تفسير “الهداية إلى بلوغ النهاية” كان لجامعة الشارقة فضل السبق في نشر هذا التفسير سنة 2008، غير أن هذه الطبعة كانت قليلة النسخ ولم تلب حاجة المتخصصين في التفسير والمهتمين به، وتأتي النسخة الجديدة 2014 التي أعدها أساتذة باحثون مغاربة لتغطية هذا الخصاص
