عسجدة نفيسة في مكتبة الرقائق والأخلاق، وباعثة لهمم السائرين لما يرضي الخلاق.
من بواكير مؤلفه العلامة الإمام الحافظ اليافعي رحمه الله تعالى، فكثيراً ما عوّل عليه في تآليفه، صبا فيه لترقيق القلوب وتهذيب النفوس، وأفاد من كتاب الأستاذ القشيري «الرسالة» أيما فائدة.
و«الرسالة» كتاب القوم، فأكثر من النقل عنه، ووشى المنقول بحكايات طريفة لطيفة، غالبها مما تفرد بروايته، ففيها الكثير من مرويات عصره ومصره، وهذه ميزة تاريخية نزع إليها المصنف.
وحَبَّكَ ذلك كله بروايات الحديث التي أسندها وانتقاها مما يؤيد الباب الذي يبحث فيه.
ابتدأ الكتاب بباب الأذكار التي هي مفتاح السالكين وحلية الأولياء والأبرار.
أشاد بهذا السفر بأرباب القلوب الطاهرة السليمة، التي آذن الله بالحرب لمن عادى أصحابها، وخصَّ أهل الله وخاصته من خلقه، من أدرجت كلماته في جنباتهم، فهم يتلونها على النحو الذي يرضاه سبحانه.
والمؤلف اليافعي رحمه الله فضلاً عن كونه راوية محدثاً، ومؤرخاً مدققاً، وفقيهاً موفقاً.. كان أديباً رائق الأدب، أكثر من محاسنه، ونثر ونظم، وله في هذا الكتاب ما يزيد عن ألف بيت شعر، ثلثاها من نظمه، فصار الكتاب مرجعاً هاماً لتخريج شعره وضبطه.
ومن سعيد الحظ أن تنفض دار المنهاج الغبار عن نسختين نفيستين لهذا الكتاب المبارك، أولاهما كاملة خطّت في حياته، وقرئت عليه، وأثبت فيها إجازته. وأخرى قرئت على نسخة مقروءة على المؤلف، ولله الحمد والمنة.
وبالجملة:
فالكتاب دوحة تربوية أخلاقية، يستجم فيها صاحب العناء والكد، ويستروح نسائمها طالب الأدب والرفعة