قال رسول الله : «من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها.. بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء».
كان رسول الله أفصحَ الناس وأبينهم وأحكمهم.
وكانت أقواله مداداً يستمد منها الخلق سدادهم وإرشادهم في معاشهم ومعادهم.
اهتم بها حفاظ ملة الإسلام؛ لكونها نبراس تفريق الحلال عن الحرام، والحامل على التخلق بأخلاق العظام.
فبادر العلماء للتصنيف في «الأربعين».
وأكثر ما كتب له القبول عند الأنام وتداولته الخواص والعوام وسارت به الركبان.. «الأربعين النووية» للإمام العالم الرباني أبي زكريا يحيى بن شرف النووي؛ لما انطوت عليه من جمع الأحاديث الصحيحة التي هي جوامع الكلم، والتي تلُم بأبواب العلم كافة.
وقد تناولها العلماء بالعناية وشرحوها شروحاً جمة ما بين مختصر ومطول.
والكتاب الذي بين يديك أحد هذه الشروح المهمة.
قدَّم فيه الإمام محمد بن عبد الله الجرداني شرحاً وجيزاً، جامعاً لما تفرق، راجياً أن يحصل به عظيم النفع، وعميم الفائدة.
فقد عمد المؤلف رحمه الله تعالى إلى كل حديث من «الأربعين» فترجم راويه ترجمة موجزة مفيدة، ثم إلى متن الحديث فشرحه بإيجاز، جالياً معانيه، وضابطاً ما يحتاج إلى الضبط من ألفاظه، ذاكراً للروايات إن وجدت، مضيفاً إلى ذلك بعض الفوائد من الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة، والأحكام المهمة، وحكايات الصالحين المنطوية على العبرة والموعظة.
كل ذلك بأسلوب واضح بين، خالٍ من التعقيد والإطناب، الأمر الذي يجعل هذا السِّفر اللطيف متعة لقارئه، ونزهة لمرتاده.