كتاب «المغني» لمؤلفه أبي الحسن سعيد، كتابٌ غزير المادة، عظيم الفائدة؛ فقد نافت فصوله على المئتين، وأبوابه بلغت تسعة وأربعين باباً.
ومؤلفه واحد من مفاخر الأطباء الذين قلَّ أن يجود بهم الزمن.
وقد سلك مؤلفه طريقةً ممتازةً في عرض مواد الكتاب، فكل فصلٍ من الكتاب يحتوي على وصف مرضٍ واحدٍ، أو عدة أمراض متشابهة في العضو الواحد، وهي طريقة فريدة ميسرة كما يرى القارئ والباحث.
وزيادة في الإيضاح جدول الأمراض في حقول تكشف عن اسم المرض أو الوصول إلى المطلوب.
وقد حاز الكتاب شهرةً عظيمة، فسارت به الركبان في كل اتجاه، من عهد حياة المؤلف كما دلت على ذلك قصة الكتاب في «عيون الأنباء».
فلا غرابة إذن أن توجد نحو من ثلاثين نسخة خطية لهذا الكتاب، موزعة في معظم البلاد العربية والأجنبية.
ثم إنه غير بعيدٍ أن يكون هذا الكتاب قد كان كتاب مدرسة قُرِّر في عديدٍ من بلدان العالم في فترة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، شأنه شأن «القانون» و«الحاوي» و«التصريف» وغيرها من كتب الطب القيمة، التي حظيت بالدراسة والاعتماد، والانتشار في كل البلاد.
والذي يعنينا هنا بالدرجة الأولى أن هذا الكتاب الطبي من أغنى الكتب الطبية مادة، وأقربها متناولاً وأسلسها.
وفيه تلوح العبقرية العربية في وضعهم لأُسُسِ هذه العلوم التي تناقلها الغرب ودرسوها لقرون عديدة.
وقد شاء المولى جل وعلا أن يقيض للكتاب محققاً ألمعياً أسهم بذلك في إحياء التراث العربي، وإثراء المكتبة العربية، وربط قديم الطب بحديثه، قد جمع بين علم الطب وفن التحقيق.
فدونك أيها القارئ هذا السفر الطبي النافع، يرفل بجمال المظهر، ويزدان بكمال المخبر