إنَّ الإنسان في وضعه الطبيعي كثير الأشغال والمهمات؛ لِمَا ألقي على عاتقه من واجب التبليغ وأمانته، فهو الذي ميزه الله بالعقل الذي هو مناط التكليف، وشرفه بالمعرفة التي ترقى به إلى كل مقامٍ منيف.
فكيف به في هذا الزمان الصعب الذي أحاطت به النوازل والملمات، وقصَّر فيه العباد والدعاة، وصارت فيه الواجبات أكثر من الأوقات!!
كل ذلك كان دافعاً للعبد للبحث في سائر الفنون، والاهتمام بشتى العلوم.
لكن الأمر كما قيل:
والعمر عن تحصيل كل علمِ يقصرُ فابدأ منه بالأهمِّ
وذلك الفقه فإنَّ منه ما لا غنىً في كل حالٍ عنه
فعلم الفقه لا يستغني عنه مكلَّفٌ؛ إذ لا تصح العبادة إلا بمعرفته.
وكتب الفقه كثيرة متعددة.. فينبغي حسن الاختيار، ولا سيما إن كانت هناك علومٌ أخرى يحتاج الإنسان إليها أيضاً.
وهذا الكتاب «الموجز المبين» قد ضمَّ بين طياته خلاصة الفقه والآداب والسلوك، مما لا بد منه للمسلم ولا ينبغي لأحد جهله، فكان جامعاً مانعاً، حوى معانٍ كثيرة في مبانٍ قليلة مع عبارة سهلة مفهومة، كل ذلك بأنفاس العالم الصالح الفقيه عفيف الدين عبد الله باقشير الحضرمي الشافعي رحمه الله تعالى.
فكان هذا الكتاب بحقٍّ سراجاً للمبتدي ومذكِّراً للمنتهي، وقد ذكر في أوله أهم نقاط العقيدة، ثم شرع في الفقه في العبادات.
ثم تكلم عن التقوى وما فيها من فعل الطاعات وترك المنهيات.
وختم الكتاب بذكر الآداب والأوراد التي تتنزل على أحواله في يومه وليلته.
وقد قام العلامة الحضرمي باشعبان رحمه الله تعالى باختصار «الموجز المبين» بكتاب سماه «المنتقى» وزاد في آخره فصولاً ليست من «الموجز» فأضفناها آخر الكتاب؛ وذلك تتميماً للفائدة، واقتنصنا منه فوائد أخرى زدناها في الكتاب، سيراها القارئ ويتمتع بها، ويسعد بذلك عند قراءة هذا السِّفر الكريم إن شاء الله تعالى