أبدع الشعراءُ وحلَّقوا، وارتقى الأدباءُ وجنَّحوا.
بذلوا نفيس أوقاتهم في التأليف، وغالب أعمارهم في الجمع والتصنيف.
والإحاطةُ بثمرة جهدهم، وعصارةِ علمهم.. ضربٌ من الخيال، ومحضُ محال، إلا على من رُزق التوفيق.
فكان له في كل فن نصيب، له ذهن وقاد، وحس مرهف، طبع رقيق، وذوق رفيع، وسبك جميل، وصوغ بديع، علم غزير، وأدب وفير، مع صحة قلب وسلامة عقل.
يعرف الغث من السمين، والصحيح من السقيم.
يميز جيد النقد من زائفه، وبديع الكلام من ساقطه، وقوي الشعر من هزيله، وعذبه من ممجوجه.
يعرف صدق العبارة، ووجه حسن الكلام، ويدرك مكمن البلاغة، ومحل سحر البيان وإبداعه.
فكيف بك إذا أحسن الاصطفاء، وأبدع في الانتقاء!!
فجمع لك من الشعر أحسنه، ومن القول أجزله، ومن الكلام أعذبه، ومن العبارات أجملها، ومن الكلمات أنصعها.
كأن الدواوين كلها في صدره ينتقي منها، وكتب الأدب مفتوحة أمامه يختار منها.
يقدم لك خلاصة علمه وفهمه، وثمرة أدبه، ونتيجة اطلاعه، وحصيلة جهده في كتاب.
إنه لعمري هو (الأسطورة).
ولو أردت جمعه.. لفات العمر.
أو أردت انتقاءه.. لانقضى الدهر.
ولا يُحسن إلا ممن وُفِّق