كتاب حبرته يراعة الإمام: يوسف بن يحيى بن علي السلمي المقدسي الشافعي رحمه الله تعالى بعد مذاكرة جرت مع بعض الإخوان – كما ذكر في مقدمته -: (بعد أن أحدقت الفتن وأظلت كوقع المطر، وارتفعت الأسعار، وقلَّت البركات، وتوالت الأكدار، وكثرت الآفات، وتظاهر بالمنكرات الفاجر والبر، وظهر الفساد في البر والبحر، وكثرت الشحناء بين الأقارب والأجانب، ودارت رحى الحرب من كل جانب، وعم عدوان المارقين وانتشر شرهم، وعيل صبر المتقين وعال ضُرهم، وتقطعت السبل وانسدت المسالك، وترادفت الفتن وكثرت المهالك، فجمحت النفوس إلى كشف هذه الغمة عن الأمة، وجنحت القلوب إلى شَعْب صدع هذه الصدمة، وقلنا: كيف السبيل إلى الخلاص، ولات حين مناص؟!).
وما أشبه الحاضر بأمس الدابر، وكأن الزمان قد رجع القهقرى أو استدار، ودخل الناس في حيص بيص، ولا منجى من ذلك إلا دعاء كدعاء الغريق.
فزعم بعض الناس: أن المصائب والبلايا لا تنكشف إلى قيام الساعة، وأنكر خروج المهدي المنتظر، وزعم أنه لا مهدي إلا عيسى عليه السلام مع أنه حديث موضوع، وكذب مصنوع، فانبرى المؤلف رحمه الله لهذه القضية، وصنف كتابه وقسمه إلى اثني عشر باباً: بيَّن فيه نسب الإمام المهدي، واسمه وكنيته، وأن الله يهيئ من يوطئ له قبل إمارته، وأن سيدنا عيسى يبايعه وينصره ويصلي خلفه، ثم بين لنا مدته، وما يجري من الفتن في أيامه، وبعد انقضاء مدته.
وجدير بنا: أن نطالع أمثال هذه الكتب، قال المحاربي: (ينبغي أن يدفع حديث الدجال إلى المؤدب؛ حتى يعلمه الصبيان).
وأمارات الساعة: منها ما تم وانقضى، ومنها ما ظهر ولم ينقضِ وهي الوسطى، وثالثة الأثافي: وهي عند تكامل الوسطى حتى تبلغ المنتهى فتبدأ الكبرى؛ وهي التي تعقبها الساعة، وتتتابع كنظام خرز انقطع سلكها، وقال : «ترسل عليكم الفتن إرسال المطر»، وقال أيضاً: «ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً إلا من أحياه الله بالعلم».
وقال : «أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا: الفتن والزلازل والقتل»، فيأتي المهدي يملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جوراً وظلماً، فالصبر الصبر، والثبات الثبات؛ فانتظار الفرج عبادة