انعقدت كلمة الأكابر أن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى هو مجدد القرن الخامس بلا منازع.
كما أجمعت أقلام المنصفين على أن كتاب «الإحياء» هو كاسمه، كما قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى: (إنه من أجل كتب الإسلام في معرفة الحلال والحرام، جمع فيه بين ظواهر الأحكام، ونزع إلى سرائر دقت عن الأفهام، ولم يقتصر فيه على مجرد الفروع والمسائل، ولم يبحر في اللجة بحيث يتعذر الرجوع إلى الساحل، بل مزج فيه علمي الظاهر والباطن).
ويكفي مؤلفه أنه يحمل لقب حجة الإسلام؛ لأنه قام بالتوفيق بين العقل والنقل، وهي ميزة قل من أعطاها الاهتمام، وأنه ما رفعت إليه شبهة إلا حلَّها، وكشف عوارها وجلَّاها.
ومن توفيق الله للقائمين على هذه الدار أنهم جمعوا نحواً من عشرين مخطوطة من أنحاء العالم لتحقيق الكتاب؛ حتى خرج يلمع في ثياب التحقيق والتدقيق، مبرَّأً من وصمة التحريف والتصحيف.
ولا سيما أن من قام بمعارضة المخطوطات لجنة متخصصة في تحقيق التراث وإخراجه إخراجاً علمياً يستفيد منه الشيخ والطالب.
ولم تألُ جهداً في عزو نصوصه وتخريج آثاره وأخباره، وإحالتها إلى الكتب التي كانت تقلِّبُها بنان الإمام؛ من الأجزاء المسندة الأثرية، وكتب الرقائق الزهدية، مما غاب التنبُّه له والالتفات إليه.
وحسبك كتاب نعته مصنِّفُهُ بأنه «كيمياء السعادة» الكبير؛ ووسم قُصَّاده بفحول العلماء، فضلاً عن السائحين في رياضه والمتنزِّهين.
وقد حرصت الدار على الإبداع في الإخراج الفني من حيث الورق، واصطفاء الحرف المناسب المشكل، محلّىً بالإطارات الفنية، وكتابة العناوين بالخط اليدوي البديع لجميع الكتاب.
وبنظرة عجلى فاحصة إلى طبعتنا من «إحياء علوم الدين» مظهراً ومخبراً يتجلى لنا المعنى التالي وهو: أن كثيراً من تراثنا ولا سيما الشرعي منه بحاجة إلى إعادة إخراج مع تحقيق مميزين؛ ليتلاحق جلال الفن مع روعة الإخراج، وهذا فيما نحسب حق إلزامي لتراثنا المستمد من المصدرين النيرين