“كتاب المجتبى “المعروف بالسنن الصغرى
أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني النسائي
الإمام النسائي – رحمه الله – معروف بشدة التحري والاحتياط، وهو من أبعد الناس عن التدليس، لكنه أحياناً يحذف الصيغة ويقتصر على اسم الشيخ من دون ما يقول: أخبرنا
أو حدثنا، فيقول: “الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع”، فهذا ليس من تدليس القطع أبداً، والسبب في ذلك أن الحارث ابن مسكين كان ممن يأخذ أجرة على التحديث، و
النسائي -رحمه الله – كان ممن يعتني بمظهره، فلما دخل النسائي على الحارث طلب منه أجرة، فرفع عليه الأجرة ظناً منه أنه غني، فرفض النسائي -رحمه الله – أن يعطيه
الأجرة، فطرده الحارث بن مسكين من حلقة الدرس، فصار يسمعه من خلف سارية، والحارث بن مسكين ثقة لكنه بشر، والإمام النسائي -رحمة الله عليه- شديد الورع والتحري، فلكون
الحارث بن مسكين ثقة روى عنه النسائي، ولكون الحارث بن مسكين لم يقصد النسائي بالتحديث – بل العكس طرده من الدرس- ما قال: حدثني ولا أخبرني، وهذا من تمام ورع النسائي. و
بالمناسبة فإن في نسخ سنن النسائي المطبوعة كلها: “أخبرنا الحارث بن مسكين” وهذا خطأ، فالنسائي يروي عن الحارث بن مسكين بدون صيغة.
سنن النسائي أحد الكتب الستة بلا نزاع بين أهل العلم، لكن الخلاف في المراد بالسنن عند الإطلاق، وكذا إذا قيل: “رواه النسائي”، وأطلق هل ينصرف الذهن إلى الكبرى أو الصغرى؟ منهم
من قال: إن المراد الكبرى، وبهذا قال ابن الملقن، وصاحب عون المعبود في آخر الجزء الرابع عشر، حيث قال: ” ثم أعلم أن قول المنذري في مختصره، وقول المزي في الأطراف : ” الحديث
أخرجه النسائي”، فالمراد به السنن الكبرى، وليس المراد به الصغرى التي هي مروج الآن في الأقطار”، يقول: “وهذه الصغرى المروجة مختصرة من السنن الكبرى، وهي لا توجد إلا قليلاً”، يعني
الكبرى، لا شك أن الذي راج ودرج واشتهر بين الناس هي الكبرى مسماة بالمجتبى، يقول: “فالحديث الذي قال فيه المنذري والمزي أخرجه النسائي، وما وجدته في السنن الصغرى، فاعلم أنه في
الكبرى، ولا تتحير لعدم وجدانه فإن كل حديثٍ هو موجود في الصغرى يوجد في السنن الكبرى لا محالة من غير عكس” على أنه قد يوجد -وهذا نادر- في السنن الصغرى ما لا يوجد في الكبرى، و
يقول المزي في كثيرٍ من المواضع: “وأخرجه النسائي في التفسير وليس في الصغرى تفسير”، والله أعلم، وفي تدريب الراوي للسيوطي تنبيهات: “الثالث سنن النسائي الذي هو أحد الكتب الستة أو
الخمسة هي الصغرى دون الكبرى” صرح بذلك التاج السبكي قال: “وهي التي يخرجون عليها الأطراف والرجال” وإن كان شيخه المزي ضمّ إليها الكبرى، وصرح ابن الملقن بأنها الكبرى وفيه
نظر، يقول: “ورأيت بخط الحافظ أبي الفضل العراقي أن النسائي لما صنّف الكبرى أهداها لأمير الرملة فقال له: أكل ما فيها صحيح؟ فقال: لا، فقال: ميّز لي الصحيح من غيره فصنّف له
الصغرى” هذه القصة مشتهرة عند أهل العلم مما يدل على أن النسائي هو الذي تولى اختصار السنن بنفسه، ومنهم من يقول: أن الذي اختصر السنن هو تلميذه ابن السني، ويدعمون ذلك بأنه يوجد
في الصغرى أحياناً قال ابن السني: قال أبو عبد الرحمن، وهذا ليس بحجة، فإن كتب المتقدمين تذكر فيها أسماء الرواة عن أصحابها، المسند كله من أوله إلى آخره عدا الزوائد حدثنا عبد الله
قال: حدثني أبي، الأم قال الربيع: قال الشافعي، الموطأ: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا مالك.. إلخ
كتاب المجتبى المعروف بالسنن الصغرى 1/9 – مجلد
أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني النسائيالمؤلف
الاجزاء: 9 مجلد
الناشر: دار التآصيل