شرفت دار المنهاج بنشر أعظم دواوين السنة؛ «صحيح الإمام البخاري» رضي الله عنه.
وأتمّ الله فضله عليها بثاني الصحيحين؛ «صحيح الإمام مسلم» لتشرف بتوزيعه، وتجمع بين الشقيق وشقيقه، فكان ذلك قرة عين وبرد كبد.
غير أنّ طبعة «صحيح الإمام مسلم» جمعت بينه وبين شرح عظيم زخّار هو شرح العلامة محمد الأمين الهرري نزيل مكة وأستاذ الحديث فيها.
و«صحيح مسلم» كتاب نازع شقيقه في التقديم، وهو وإن قُدِّم عليه الشقيق عند الجمهور، ولكن شيوخ المغرب قدموه عليه.
قال النيسابوري شيخ الحاكم رحمهما الله: (ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم)، وليست الغاية تقديمه على «البخاري»، وإنما المراد إبراز فضل هذا الصحيح وعلو رتبته.
والعلامة الهرري متع الله بحياته صاحب نَفَس هادئ، وعقل ممحك، وتصور شامل، وهذه خير معين في كتابة المطولات، وهو صاحب «حدائق الروح والريحان» التفسير العظيم الذي حشد فيه العلوم؛ خدمة لكتاب الله عز وجل.
وهو في «شرح مسلم» على هذه المدرجة، يحلُّ العويص، ويفك المشتبك، يحرر الأسانيد، ويترجم لأصحابها، ويبين ما فيها ويصفها، ولا تفوته فائدة إلا ويقتنصها ويذكرها.
ثم سرَّح القلم في رياض الحكم بعبارات واضحة جلية، وإشارات قريبة نديَّة، لخصها من كلام الأكابر، واقتنص شواردها حتى جاء بالزهيِّ الباهر.
والناظر في الكتاب وعلمه، وما ضمّه في عريض حجمه.. يعلَمُ الجهد المبذول، وأدرك الكد والعناء لنيل المحصول.
ولكن العين قريرة بمرآه وهو يتهادى في حُلَلِه، ويسعى للمكتبة الإسلامية ليستفيد منه طالب العلم والعالم.
ولله الحمد والمنة