يعد «مسند الإمام أحمد» أضخم كتاب حديثي مسند جمع السنة المطهرة، مع رسوخ مؤلفه في السنة المطهرة وعلو أسانيده، وشدة حرصه في انتخابه.
قال فيه مصنفه رحمه الله تعالى: (انتقيته من سبع مئة ألف وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله .. فارجعوا إليه؛ فإن وجدتموه، وإلا.. فليس بحجة).
ومما منَّ الله به على جمعية المكنز الإسلامي أن قامت بلجانها العلمية بإخراج هذه الطبعة العلمية الفريدة، والتي استغرقت في تحقيقه نحو ستة عشر عاماً حتى خرج هذا «المسند» العظيم محققاً مضبوطاً، يسعد به أولو الرواية والدراية؛ لمجيئه على النحو المطلوب والشكل المرغوب.
فلقد قوبلت هذه النسخة على ثمان وثلاثين نسخة نفيسة، منها نسخ فريدة يقابل عليها أولَ مرة منذ عرفت طبعات «المسند»، وغالب هذه النسخ مما أثبتت عليه سماعات كبار الحفاظ وإجازات كثير منهم.
وكان من مفاجآت العمل أن تستدرك هذه الطبعة على جميع الطبعات السابقة جمعاً من الأحاديث التي سقطت من «المسند»، ويكفي أن نعرف أنه في موضع واحد قرابة مئة حديث، وهذا يؤكد ما قيل بأن قدماء المحدثين ينسبون لـ «المسند» أحاديث لم نجدها في الطبعات المتداولة.
وقد اعتمد في إخراج هذه النسخة على منهج تحقيق في غاية الدقة العلمية، أثبت فروق النسخ المعتمدة المسندة كي تكتمل الرؤى في قراءة النص، وقد بلغت الدقة العلمية أعلى درجات في ضبط النص ضبطاً كاملاً اعتماداً على كتب الرجال وكتب ضبط ألفاظ الحديث الشريف.
وجاء ثناء العلماء المتخصصين في فاتحة الكتاب مطمئناً للقلب بعد مراجعتهم وقراءتهم حتى أخبر بعضهم أنه ما ساوره شك في خطأ، فقام بمراجعاته وبحثه.. إلا وتبين له صحة المثبت ورجع عما شك فيه.
وكان من جملة الخدمات العلمية ربط الأحاديث بـ «المسند المعتلي» و«إتحاف المهرة» و«تحفة الأشراف» وهذه من أجلِّ الخدمات.
وعلى عادة جمعية المكنز الإسلامي في إخراج كتبها بالحرف المتميّز؛ جاءت هذه الطبعة بهذا الحرف الأنيق وبعناية فنية رفيعة، تبهج الأبصار، وتسعد النفوس.
وتشرفت دار المنهاج بخدمة هذا «المسند» المبارك طباعة وتوزيعاً؛ ترجو بذلك خدمة السنة ونفع الأمة ودفع الغمة بتطبيق ما فيه من التوجيهات والأحكام