يعدّ المسلمون علم أصول الفقه من مفاخرهم، ودلالةً على عظيم شريعتهم، وأولاه العلماء وافر عنايتهم على مدى قرون الإسلام، حتى خلّفوا للأمة ذخيرة وافرة من علم متكامل البناء، واستمرّ عطاء العلماء في هذا الفن، حيث لم تنغلق أبوابه بعد تناول السابقين له، بل قد يكون في حسن التناول لمباحثه ما يكون فيه من إضافات وعطاءات مفيدة.
ومن أولى حقول العطاء: مسائل الخلاف بين الأصوليين، لأن الخلاف في الأصول يبتني عليه الخلاف في الفروع الفقهية.
واتجه المنحى الأصولي لدى المذهب الحنفي منحًا مباينًا لغيره من المذاهب الثلاثة، فكان التوجه واضحًا في تمييزه، وأصبح اتجاه الحنفية يعبر عنه باتجاه الفقهاء، واتجاه المذاهب الثلاثة يعبر عنه بـاتجاه المتكلمين.
وبعد دراسة المسائل التي اشتهرت بالخلاف بين الفريقين، نقف مع ثمرة الدراسة بتحليل للجهود الأصوليّة في الكشف عن مسالك المنهج الأصولي في توظيف القواعد الأصولية في فقه النصوص، ثم نفصّل في طبيعة الخلاف الأصولي في المنهج والاتجاه بين الحنفية وجمهور الأصوليين