يعد «صحيح مسلم» من الكتب المعتمدة في علم الحديث الشريف، وقد انعقد الإجماع على تلقيبه مع «صحيح البخاري» باسم «الصحيحين».
وقد ظهر لكثيرٍ من أئمة النقل وجهابذة النقد أن لمسلمٍ ولكتابه من المزية ما يوجب لهما أوَّليَّة.
وحكى بعضهم الإجماع على إمامته وتقديمه وصحة حديثه وتميزه وثقته وقبول كتابه.
وقد حصل للإمام مسلم في كتابه «الصحيح» حظ عظيم مفرط، بحيث كان يفضله بعضهم على «صحيح البخاري» لأنه قد انفرد بفائدة حسنة، وهي كونه أسهلَ تناولاً من حيث إنه جعل لكل حديث موضعاً يليق به، جمع فيه طرقه التي ارتضاها، واختار فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فبذلك يسهل على طالب العلم النظر في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه.
ولما كان هذا الكتاب عظيماً في بابه.. وجب أن يُخَصَّ بفضل عناية من النشر والفوائد والتخريج؛ إذ الاعتناء بحديث رسول الله يشرف الأقدار، ويسدد الاعتبار، وينفع البصائر، ويفتح الأبصار، ويلحق بالأئمة الأبرار.
وقد تعددت طبعاته في بلاد كثيرة، ولعل من أجود هذه الطبعات: النسخة المطبوعة في المطبعة العامرة بإستنبول، وهي ثمانية أجزاء في أربعة مجلدات، وقد طبعت في عهد السلطان الغازي «محمد رشاد خان»، ما بين سنة (1329هـ) إلى سنة (1334هـ).
وإتماماً للفائدة: فقد جاءت هذه الطبعة لتقدم خدمة علمية وفنية، تقتضيها المفاهيم العلمية المعاصرة، مع المحافظة على طبعة هذا الكتاب، وإبقاء حواشيه كما جاءت في الأصل.
واعتماد ترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، وهذا يسهل الرجوع إلى شروح «صحيح مسلم»، وكذلك ربط أحاديثه مع «تحفة الأشراف» للمزي و«التحف الظراف» للعلقمي، مع تصويب الأخطاء الواردة في الكتاب