في عصرنا المتموج بالغرائب نرى أن أمر السحر قد انتشر، وصرنا كثيراً ما نسمع عن أولئك المسحورين الذين يبحثون عمن يبطل سحرهم، وذلك لأنه حينما يحوطنا اليأس، وتخذلنا الحياة، ونتخلى عن الإله فيتخلى عنا؛ لأن قانون الله تعالى يقول: (احفظ الله.. يحفظك، احفظ الله.. تجده تجاهك).
عندما تضيق السبل، وننسى منهج ربنا، ونلجأ إلى هذا المسار المتخلف، ونعتقد أن الربط والحل بأيدي أولئك السحرة المارقين، فنوكل لهم أمرنا.. ننسى أننا بذلك دخلنا بوابة الشقاء والخزي؛ لأن الله تعالى يقول: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }، ولأن النبي قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»؛ أي: المهلكات، وذكر منها السحر.
وعندما قل الأطباء الصالحون، وكثر الأدعياء المارقون، وصار الناس يتخبطون يمنة ويسرة يبحثون عن الشفاء على أيدي الدجالين والجاهلين.. كثر المترددون على أبواب المشعوذين، وهذا متمحض من عدم إيمان بالله وعدم يقين وتوكل عليه، وعدم معرفة بأصول الشريعة الغراء.
وصار الناس يبحثون عن حلول سهلة، دون بذل أي جهد أو مجاهدة، وهذا ما لا يقرُّه الإسلام ولا يرضاه.
وتفرق الناس على أبواب السحرة وشياطين الجن يعدونهم بالشفاء وقضاء الحاجات، ويستحلبون دينهم قبل مالهم؛ كما قال تعالى: { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا }.
ولكن القرآن الكريم ظلَّ يناديهم: { فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ }.
في خضمِّ هذه الظروف التي نعيشها ارتأت دار المنهاج أن تطبع هذا الكتاب الذي صاغته أنامل الأديب الجهبذ الكبير: الدكتور محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل؛ ليحدِّد لنا الداء ويصف لنا الدواء الناجع بإذن الله تعالى.
فأجمل لنا أحكام السحر بمنظومته اللطيفة البديعة، ثم شرحها لنا شرحاً وافياً كافياً، وأعقب ذلك ببيان الأدوية الإلهية من الكتاب والسنة النبوية.
فجاء ولله الحمد سهلاً واضحاً، يفي بالمقصود بفضل الله مولانا المعبود، فدونكم هذا المنهل الروي، والدواء الصافي النقي