لقد أَوْلَى المسلمون الأوائل اهتماماً بالغاً بتسجيل كلِّ ما ورد عن النبي r من أحاديث قولية أو فعلية أو تقريرية؛ لكونها المصدرَ الثاني للتشريع الإسلامي، فمرّت عمليةُ ذلك بمراحل عدة من التدوين ثم الكتابة فالتصنيف فالتأليف، بعد أنْ كانت مقصورةً فقط على المشافهة والرواية. ثم تشعَّبت مع مرور الزمان أنواعُ كتبِ الحديث والسنة بين صِحَاح وجوامع وسُنَن وموطآت ومصنَّفات ومسانيد ومستدركات ومستخرجات، والتي تحتوي على آلاف من الأحاديث النبوية والآثار الشريفة في موضوعات مختلفة من الدين وشرعه.
وهذا الكتابُ يتناول في طياته دراسةً استقرائيةً مُوجَزةً لتاريخ كتابة السُّنّة وتدوينها في القرون الأولى، ثم لتطوُّرِ التصنيف والتأليف فيها عبر القرون الهجرية، مع تعريف مُوجَز لأعلام هذه الحركة العلمية، وكذلك لأهمّ ما صنّفوا فيها من الكتب الجليلة في كل من تلكم القرون. وكلُّ ذلك في أسلوب مبسَّط وسهل، مع الإعراض عن المسائل الخلافية التي لا طائل من ورائها